الذكاء الاصطناعي ينقذ حياة السلاحف البحرية في كينيا

الـــحفاظ عــلى الـــبيئة بــأحــدث الــتكنولــوجــيا

في بلد يعج بالحيوانات البرية المذهلة، ُتعد السلاحف البحرية إحدى أكثر الكائنات شعبي ًة في كينيا. وهي تضطلع بدور أساسي كمؤشر لصحة المحيط. ولكن مع تغير المناخ وازدياد المشاريع العمرانية المنتشرة على شواطئ البحر، أصبحت مواقع التعشيش غير ملائمة، ما يهدد هذا النوع من الكائنات بأكمله.

وعادة، يتعذر وصول مجموعات الحفاظ على البيئة إلى أحدث أساليب التكنولوجيا، ولكن بفضل مايكروسوفت، استطاعت جمعية لوكل أوشن كونسرفيشن (LOC) المعنية بالحفاظ على المحيط المحلي تسخير الذكاء الاصطناعي في محاولة لإنقاذ تلك الكائنات الرائعة المهددة بالانقراض.

دراسة تحليلية للشواطئ

بدأ المتطوعون في جمعية LOC القيام بدوريات على شواطئ كينيا منذ عام 1997. وحتى اليوم، استطاعوا رصد أكثر من 1,600 ع ّش للسلاحف البحرية، ورعاية 157,000 سلحفاة صغيرة وتوجيهها إلى مياه المحيط. ولكن كما هي الحال مع أي جمعية محلية، تستطيع تحقيق نجاح أكبر عبر حصد مشاركة أوسع من المجتمع.

لذا، قررت جمعية LOC الانطلاق في مهمة ضخمة لجمع البيانات. وتمحور هدفها على جذب المزيد من المتطوعين عبر تسليط الضوء على حجم المشكلة، وتوظيف مواردها الثمينة حيث تدعو الحاجة إليها أكثر.

وبفضل مبادرة 4Afrika التي أطلقتها مايكروسوفت، والتي تستثمر في المؤسسات المتوسطة والصغيرة الحجم، وفي الهيئات الحكومية، وبرامج اليافعين في أفريقيا، ابتكرت جمعية LOC تطبيق ًا للج ّوال يساعد في جمع البيانات على طول الساحل في كينيا. ويتم إرسال هذه البيانات إلى قاعدة بيانات سحابية تش ّغلها مايكروسوفت أزور حيث يتم تحليلها وعرضها بواسطة تطبيقات التحليلات الخاصة بخدمة أزور التي تعمل بالذكاء الاصطناعي.

وبفضلها أيض ًا، اكتشف المتطوعون أ ّن 13% فقط ًمن الشاطئ الممتد على طول 78.8 كيلومترا مناسّب لأعشاش السلاحف البحريةً، فيما لاحظوا أن 50% منه غير مناسب ّطبيعيا، و16% منه يحتاج إلى بعض الإصلاح، وأن 17% منه لا يمكن استخدامه بسبب تأثير الإنسان على البيئة.

تتوفر تطبيقات أزور على خوادم مايكروسوفت بد ًلا من الأجهزة المحلية العادية، ويمكن الوصول إليها من خلال السحابة عبر خدمة الدفع حسب الاستخدام. بالتالي، يسمح هذا النموذج لجمعية LOC باستخدام أحدث أساليب التكنولوجيا بتكلفة تتوافق مع قدرات أي جمعية محلية.

وتجدر الإشارة إلى أ ّن استخدام هذه التكنولوجيا سمح لجمعية LOC بإنشاء أول خريطة شاطئية مستدامة في العالم. وبفضلها أيض ًا، اكتشف المتطوعون أ ّن 13% فقط من الشاطئ الممتد على طول 78.8 كيلومتر ًا مناسب لأعشاش السلاحف البحرية، فيما لاحظوا أ ّن 50% منه غير مناسب طبيعي ًا، و16% منه يحتاج إلى بعض الإصلاح، وأ ّن 17% منه لا يمكن استخدامه بسبب تأثير الإنسان على البيئة. ولولا مساعدة الذكاء الاصطناعي، لكان تحديد هذه المعطيات الدقيقة، التي ساهمت في توجيه الجهود المبذولة للحفاظ على البيئة، بهذه السرعة والدقة شبه مستحيل.

السلاحف البحرية تو ّدع البطاقات المعدنية

يركز عمل جمعية LOC أيض ًا على تتبع حركة السلاحف بهدف الكشف عن أي مشكلة قد تواجهها في المحيط، ولاتخاذ المجموعة الأكبر منها كنموذج للدراسة.

تقوم أفضل الممارسات الحالية في عملية الحفاظ على البيئة البحرية على تتبع حركة الحيوانات عبر وضع بطاقات معدنية على جسمها؛ هذه الطريقة فعالة، إ ّلا أنها ليست بمثالية. إنها وسيلة تساعد الكائنات في النهاية، لكنها في الواقع عملية جراحية طفيفة التوغل تسبب الإجهاد للسلاحف.

والجدير بالذكر أ ّن عملية وضع البطاقات المعدنية ُتعد مكلفة للغاية، ما يجعلها بعيدة المنال ً بالنسبة إلى مجموعات الحفاظ على البيئة الصغيرة مثل جمعية LOC، الأمر الذي يضع حدودا لكمية البيانات التي ُتجمع في هذا القطاع، وتحديد ًا البيانات الخاصة بالسلاحف البحرية في غرب المحيط الهندي. بالتالي، يتم تقييد الجهود المبذولة للحفاظ على البيئة تلقائي ًا بدون تو ّفر تلك المعلومات الأساسية.

اليوم، تستبدل جمعية LOC نظام عملها التقليدي بتكنولوجيا التعرف إلى الصور القائمة على الذكاء الاصطناعي والمتوفرة على سحابة مايكروسوفت أزور، فالذكاء الاصطناعي قادر على رصد كل سلحفاة على حدة، حتى إذا كانت في عرض البحر. بمعنى آخر، أصبحت جمعية LOC اليوم قادرة على تتبع عدد أكبر من الحيوانات، وتحصيل مجموعات أكبر من البيانات وأكثر إفادة، وذلك بعيد ًا عن وضع البطاقات المعدنية والتسبب بالإجهاد للسلاحف.

بيانات ضخمة للحفاظ على البيئة المحلية

تـبرز قـصة جـمعية LOC كـيف سـاھـمت الـسحابـة فـي تـوفـير أدوات اعـتُبرت سـابـق ًا حـصريـة للجـمعيات الـكبيرة، وھـي بـذلـك حـولـت الـتكنولـوجـيا إلـى أداة مـفيدة لـلجھود الـمبذولـة لـلحفاظ عـلى الـبيئة.

وفـيما تـرتـكز مـھمة LOC الـحالـية عـلى الاھـتمام بـالسـلاحـف البحـريـة، تـأمـل ھـذه الجـمعية أن يـصبح الـنموذج الـذي وضـعته مـثا ًلا تـحتذي بـه الجـمعيات المحـلية الأخـرى. فـماذا لـو كـانـت الخـطوة الـتي اتخـذتـھا جـمعية LOC بـدايـة لـثورة الـبيانـات الضخـمة فـي الـحفاظ عـلى الـبيئة فـي الـعالـم؟